مرحلة ما قبل الزواج
الإستشارة
السلام عليكم
أرجو المساعدة انا الأن في مرحلة الخطبة منذ 4 شهور انا مقتنع بخطيبتي و هي كذلك و تقريباً و لله الحمد لا يوجد مشاكل كبيرة بيننا تذكر و لكن انا و هي رغم محاولاتنا بالتقرب من بعض أكثر إلا أنه لا نشعر بوجود مشاعر او حاسيس عاطفية
يعني تقريباً علاقتنا مع بعض تكون أقرب إلى أصدقاء لا أكثر هل هذا الوضع طبيعي او لا لأ
مع العلم أن هذا سبب لي و لها إزعاج في الأونة الخيرة كيف من الممكن أن نقدم على خطوة الزواج دون أن يكون بيننا قبل ذلك أي مشاعر مودة او حب
و أنا أخشى من فشل علاقتي معها في المستقبل.
الإجابة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته مرحبا بك أخي الكريم ونشكر لك ثقتك بالجمعية هل الحياة الزوجية لا تقوم إلا على الحب فقط ؟؟؟ وهل قلة الحب في فترة ما ، أو انعدامه أحيانا في أسرة ما سبب كاف ومبرر مقنع لإنهاء العلاقة الزوجية ؟؟ . وللإجابة على هذا السؤال ، يجب أن نفرق بين أوقات الحب في مراحل الزواج المختلفة فمرحلة ما بعد الخطبة حيث يبدأ فيها قبول كل طرف للآخر ، حيث إنه في الغالب لا يعرف أي من الطرفين الآخر ، ولهذا جاءت الشريعة بإباحة نظر الخاطب إلى المخطوبة وفق ضوابط معينة ، وقد جاء في تعليل هذا الحكم قوله صلى الله عليه وسلم ( فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ) ومعناه أن يؤلف بين قلب الخاطب والمخطوبة ، بحيث تصير هناك راحة بين كلا الطرفين ، وقد يحصل نفور بينهما ، لا سبب له إلا أن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف . ومن الأسباب التي تجعل الزوجين لا يشعران بمشاعر الحب هو الإكثار من التواصل بينهما والتخاطب في هذه الفترة مما يُشعر الزوج بالفتور في الحوار والمشاعر، أخي الكريم: إن مجتمعنا الاسلامي مرتبط بالدين في سائر اموره فإذا عُلِم هذا فلتعلم أن الخاطب والمخطوبة طالما أنه لم يتم بينهما العقد الشرعي – وهو عقد الزواج – فهما أجنبيين عن بعضهما بعضاً فلا يَحِلّ أن يختلي بها ولا أن يَحلّ أن يعاملها معاملة الأزواج كأن يُقبّلها أو أن يلمس يدها أو أن يخرج معها منفرداً ونحو ذلك من الأمور، بل عليهما أن يُبادرا إلى عقد الزواج بينهما فحينئذ يَحلّ لهما التعامل مع بعضهما بعضاً والاختلاء والخروج معاً وغير ذلك من التصرفات التي تقع بينهما، فلابد من طاعة الله ولابد أن يُحتَرز في هذا الشأن، فرُبَّ خِطبة لم تَدُم وبقي منها الآثار التي قد لا تُحمد، ثم نأتي للحب بعد الزواج ، فنقول : إن من أهم المقاصد الشرعية أن يكون بناء الأسرة المسلمة متيناً قوياً ، بحيث يصمُد أمام الأعاصير العاتية ، وصعاب الحياة المتكاثرة ، ومن أهم الأسس التي تجعل بناء الأسرة قويا ،هو الحب والمودة بين الزوجين ، ولهذا قال تعالى { ومن آياته أن جعل لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة } ، فإذا ما وُجِد هذا الحب ، وحصلت تلك الألفة ، تمكن الزوجان من ترسيخ دعائم الأسرة ، وتقوية بنيانها ، ولهذا نجد عددا من الأحاديث النبوية الشريفة جاءت بالحرص والحض على تقوية جانب المودة والمحبة بين الزوجين بطرق مختلفة ، فمن ذلك ما جاء في الحديث ( لا يفرَكُ مؤمنٌ مؤمنة إن كَرِه منها خلُقاً رضيَ منْها آخر ) ، ويشير الحديث السابق إلى ألا يُبغِض الزوج زوجته لدرجة أن يطلُب فِراقها ، بسبب كرهه لخلُق سيّء فيها ، وإذا ما حصل هذا فليتذكر الخلُق الحسَن الذي سُرّ به من قبل ، وبهذه الطريقة تزول الشحناء والبغضاء ، وتبقى المودة والمحبة . إذاً ، نحن متفقون على أن من أهم أسس الحياة الزوجية الود والسكن بين الطرفين ، لكن ليس الود هو كل شيء ، فقد بينت الآية السابقة أن الحياة تقوم على أمرين ( مودة ، رحمة ) فإذا كانت المودة والرحمة متواجدتان ، فهذا هو الكمال المنشود ، وتلك هي الحياة الأسرية التي يطلبها كل أحد ، لكن إن فُقِدت المودة ، فهناك الرحمة ، وإن فقدت الرحمة فهناك المودة ، فكلاهما عامل من عوامل قيام الأسرة . إن الحياة الزوجية ليست عشقا وحُبّاً وهُياماً فحسب ، إنها احترام متبادل ، ومراعاة للمصلحة ، وتربية للأجيال ، إضافة إلى عامل السكن والمودة ، الحب هو الذي يولد ويتوالد ، ويكبر ويكثر بمرور الأيام والسنين لا يؤثر فيه موقف سلبي عابر صدر من شريك الحياة ، لأنه حب مرتبط بحياة أسرية ، كان الهدف منه إقامة أسرة سعيدة ، وليس حُبّاً مرتبطا بالهوى والميل والعشق والجنس. لابد أن نُصحّح نظرتنا لبناء الأسرة المسلمة ، لابد أن يكون الرباط متينا قائماً على أوامر الله تعالى . حياة الزوجين لابد أن يعمُرها ، الحب المتبادل ، حب قلبي يظهر على السلوك العملي ، ابتداءً من الابتسامة الصادقة ، وانتهاءً بتحمل أعباء الحياة الثقيلة . وكثيراً ما تكون مشاعر المحبة موجودة في أعماق الزوجين ، لكن حتى تزدهر الحياة الزوجية ،ولا يصيب العلاقة الزوجية فتور وملل وروتين فإنه يجب علي كل واحد منهما أن يفصح عما في نفسه من محبة تجاه الآخر ويقوم بتجديد الحب بينهما، بالكلمة الجميلة ، الهديّة اللطيفة والمفاجأة السارّة. وبهذه المصارحة العملية للمشاعر المتبادلة نكسر الروتين المُمِلّ في حياتنا ونجدد التواصل بين قلبينا . أسأل الله تعالى أن يوفق بينكما ويجمع بينكما على خير وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.