إلى متى ؟!
الإستشارة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلتي زوجي كثير العلاقات مع النساء وكلما اكتشفت خيانته بيقول بتسلى .هو ذو شخصية قوية وجداً واثق من نفسه و هذا من اساس تربيته ويرى أنه صح في كل أموره .لقد تعبت من متابعته ولا أريد الشتات لبيتي.ماذا أفعل؟
الإجابة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: نشكر لك ثقتك بجمعية للتنمية الأسرية : لابد أن نعرف السبب الذي يجعل الزوج يتصرف هذا التصرف فقد يكون من الأسباب التالية: 1-طريقة التربية التي تربّى عليها الزوج عند أهله واقاربه هي من نفس النّمط وقد يعتقدون أن هذا الأمر طبيعي وليس به بأس. 2-البعض يسلكون هذا التصرف نظراً لعقدة نفسية يعاني منها ،ومن ذلك : أنه كان يعيش في جو عائلي مضطرب وغير مستقر أثناء الطفولة لأن انعدام الإستقرار يجعله يبحث عن الحضن الدافئ بحثاً عن الأمان . وقد يكون هناك تقصير من جهة الزوجة لزوجها من جهة المشاعر والأحاسيس فلا تُبادله مشاعر الحب مما قد وصل به الحال للبرود العاطفي تجاه الزوجة وأصبح يصرفه لأناس آخرين لأنه وجد من يكمل النقص – وهذا ليس تبرير- ولكن نحن نقوم بتحليل أسباب المشكلة. فانشغال الزوجة بأمور المنزل والتربية أو بأي شئ آخر يجعله يشعر بالوحدة وبأنه مُهمل ولا أحد يتكلّم معه أو يشعر بوجوده ،فيبحث عن المرأة التي تطارده بالهاتف وتسأل عنه وتحاوره ،إمرأة تقول له دائماً: أنا موجودة حولك أسأل عنك ، وهذا النوع من الرجال ليس مهم عنده الحب والعاطفة بل المهم هو الاهتمام والرعاية والتواجد ، وقد يكون من الأسباب عكس ذلك تماماً فتجد الزوج ينفر من المرأة لكثرة سؤالها واستفسارها عنه والبحث والتحقيق معه على كل حال وكثرة الأسئلة في هذا الجانب . فلابد أن تقّدري الأمور بقدرِها. وقد يكون الزوج يحب أن يمارس المشاعر والدفء العاطفي خارج الجو الأسري الممتلئ بالمسؤوليات وإزعاج الأبناء وغير ذلك من المنغّصات – حسب وجهة نظر الزوج- فيقوم بالبحث عن الصفاء خارج الأسرة وبعيداً عن المسؤولية. بعض الأزواج يعرف أن النقص موجود في كل النساء فيعتقد أنه لابد أن يرتبط بواحدة تقوم بواجباتها الزوجية والأسرية بتربية الأبناء ونحوه ويبدأ يبحث عن مكملات النقص فيرغب في المرأة التي تعرف تتحاور مع الآخرين ويبحث عن أخرى للرومانسية وهكذا، فالزوج هو من يحدد الخلل والنقص الذي يحتاج إكماله . وهذا النوع يملك قدرة على الإقناع ويبرّر تصرفاته وسلوكه بأنه طبيعي وعلاقات بريئة – كما هو حاصل معك الآن. وقد يكون الزوج يحيط به مؤثرات خارجية مثل الأصدقاء فيتصرفون بهذا الأسلوب ويدفعون بعضهم لذلك دفعاً ، وقد تكون بيئة العمل المحيطة بالزوج قد تكون فيها ارتباط بالتعامل مع النساء. أختنا الكريمة: بعد أن عرفت الأسباب ابحثي عن أحدها وحددي السبب الحقيقي وبعدها تستطيعين أن تواجهي زوجك وتتعرفي على النقص الذي بداخلك فعليك ألا تواجهيه في هذا الموضوع بداية الأمر وإنما تعرّفي على جوانب النقص التي يريدها وقومي بتوفيرها والتنويع بينها فأنت الوحيدة التي تستطيعين ذلك. ولكن المشكلة كثير من النساء قد لاتدرك أبجديات الحوار مع زوجها والتي منها:  اختيار الوقت المناسب – فلا يكون زوجك متعباً أو عائداً من عمله أو يكون في وقت راحته أو وقت عمله –  انتقي الوقت المناسب الذي يكون به صافي الذهن أو بعد أن تقدّمي له شيئاً جديداً في المنزل أو في نزهة أسرية جميلة أو تقدّمي له دعوة إلى طعام العشاء وليلة خاصة تقومين بإعدادها له فتتهيأي له – وهذا ما فعَلته أم سليم رضي الله عنها حينما مات ولدها ولم تخبر زوجها إلا بعد ان تهيات له وبات معها ليلته .وحينما سأل عن ولده أخبرتْهُ بأسلوب لطيف يحيطه الإيمان بقضاء الله وقدره حتى لا يفزع أو يجزع ) أرأيت لو أن أناساً أعارونا عاريةً –شيء ثمين لنحفظه لهم – ثم طلبوا ردها هل نعطيهم إياها ام لا ؟ فأجابها : أن نعم ، فقالت: قد أخذ الله وديعته وقبض روح الولد) الشاهد من هذا الموقف هو كيف أنها اختارت الوقت والطريقة المناسبة بحكمة وفطنة رضي الله عنها وأرضاها. من أبجديات الحوار: عدم البدء بالموضوع مباشرة كأن تبدأي بذكر محاسنه ومواقفه النبيلة وصفاته التي ذكرتيها في سؤالك ثم بعد ذلك إبدأي بالحديث عن الأمور التي يرى أنك مقصّرة فيها؟ من الأبجديات: أنك ربما لا تحصلي على شيء منه في الجلسة الأولى حاولي التكرار مرة ومرتين وثلاثة وأنا واثق بإذن الله أنك ستصلين لنتيجة طيبة من الأبجديات: ألا يشعر بعدم الإحترام أو تسفيه لرأيه ونحو ذلك أثناء الحوار ،أثني على أسلوبه وأعطيه وعداً بالتغيير . ولاتنشغلي بالرّدِّ على الأسباب وكثرة النقاش معه فأنت لست في جلسة مفاوضات بل مصارحات لتدركي عوامل النقص وتجتهدي بإكمالها. فإذا تعرفت على الأسباب وكانت حقيقية وقمت بتلافيها ولاحظت أنه مازال مستمراً على سلوكياته فاعلمي أن ضعف المرأة النفسي وافتقارها لقوة الشخصية والقدرة على الحوار المنطقي واستسلامها للخوف وابتلاع الخيانة هو الذي يوجد فرصة للرجل أن يكرر هذا الفعل فلذلك لابد أن تُظهري له قوة رافضة لهذه الخيانة.لماذا؟ لأن الاستمرار على هذه التصرفات والسكوت على ذلك حتى لو كانت بريئة فقد تؤدي لارتكاب المحرمات والعياذ بالله والاستمرار على ذلك قد يؤدي لأضرار نفسية بالنسبة لك منها: شعورك بالإحباط والفشل من العيش وعدم النجاح في حياتك الزوجية ، وايضاً الشعور بالخجل الاجتماعي حينما يعرف أحد بتصرفات زوجك فتتجه أصابع الاتهام لك باللوم وعدم الغيرة وهذا مما يعيب المرأة. فحينما تتثبتي أن المشكلة منه فاطرحي عليه بعض الحلول : 1- النصيحة بالتوبة إلى الله من هذا السلوك فكما أنه لا يرضاه على ابنته وزوجته فكذلك الناس لايرضونه . 2- الإرتباط بالله تعالى والقرب منه بآداء الفرائض ومنها : المحافظة على الصلوات الخمس وآداء مناسك الحج والعمرة وصيام النوافل والوتر وقيام الليل والإكثار من دعاء الله تعالى أن يرزقه القناعة بالحلال دون الحرام وأن يرزقه البعد عن الحرام وأسبابه واستشعار الحديث القدسي ( من تقرّب إليّ شبراً تقربت إليه ذراعاً ومن تقرّب إليّ ذراعاً تقربت منه باعاً ومن أتاني يمشي أتيته هرولة)، والله سبحانه وتعالى يحب التائبين إذا صدقوا في توبتهم ( إن الله يحب التوابين) بل ويدعوهم للرجوع إليه حتى وإن أخطأوا (قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً) . 3- قومي بمساعدته لتجاوز هذه المرحلة لا تنتظري منه التغيير بمفرده فقد يحتاج لمن تعاونه – وخير من يقوم بذلك هو أنت. 4- انصحيه بتغيير أرقام التواصل وحسابات التواصل الاجتماعي فهذا يدلُّ على التغيير والتوبة الصادقة بإذن الله. 5- أن يقوم بتغيير أصدقائه من حوله الذين يؤيدون هذا السلوك الشاذ على المجتمع المسلم . 6- استشارة الطبيب النفسي إذا لزم الأمر. أسأل الله تعالى أن يطهر قلب زوجك من المعصية وأن يرزقه القناعة بالحلال ويبعده عن الحرام وان يصلح بينكما وينزل عليكما المودة والرحمة إنه وليُّ ذلك والقادر عليه وصلى اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه اجمعين.