أختي الكريمة أشكر لك تواصلك مع برنامج الاستشارات الإلكترونية في جمعية المودة، كما أحيي فيك حبك لأبنائك و حرصك على صحتهم العاطفية، بالإضافة لرجاحة عقلك في التعامل مع موضوع الطلاق. و أقدر بشدة مشاعر الألم و الحزن التي تشعرين بها نتيجة لموقف الأب من ابنك. إن ما تمرين به هو للأسف أمر متكرر عند عدد من الأسر بعد الانفصال، و رغم صعوبة تفهم سبب ابتعاد الآباء عن أبنائهم إلا أن هناك عدة عوامل قد تسبب هذا التصرف. من أهم هذه العوامل انخفاض تقدير الذات لدى الأب؛ لأن الأب يشعر أن ابنه يحتاج له لكن حدوث الطلاق أثر على فعالية دوره كأب مما يشعره بالإحباط و يسبب تحججه بعدم وجود وقت أو عدم وجود ما يقوله لأبنائه. وضع الطلاق يعتبر قوة أكبر من الوالد تمنعه من أداء دوره كأب بالصورة التي ترضيه مما نتج عنه انسحابه من حياة الأبناء. بالتالي، نصيحتي لكِ هي التحلي بالصبر مع الأب عوضا عن الغضب منه. إن تصرف الأب يزيد من أعباء دورك كأم، فبالإضافة لكل مسؤولياتك أنتي مطالبة من أبنائك بتفسير سبب غياب الأب مع إقناعهم بأنهم غير مسؤولين عن تصرفات الأب لأن الأبناء ضحية بريئة لظروف تفوق درجة استيعابهم. و أفضل طريقة تكون بإجابة كل سؤال بسؤال. فإذا سألك ابنك "لماذا لا يحضر والدي لمجلس الآباء؟" أجيبيه بسؤال هو "ما هو شعورك تجاه هذا الأمر؟ "، و هنا أنصحك بتشجيع أبنائك على التعبير عن مشاعرهم و آرائهم لمساعدتهم على التأقلم مع الوضع، فمشاعر الحزن، القلق أو الغضب هي مشاعر مشتركة بينهم و بين كثيرين و يسهل التغلب عليها. حاولي إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع الأب دون علم الأبناء، لأن العديد من الآباء يعودون بعد فترة انقطاع لطلب حقهم في زيارة الأبناء و التواصل معهم. لا تعطي أبنائك أملا مزيفا، و لكن احرصي على عدم تشويه صورة الأب أمامهم، حتى يتمكنو من التواصل معه في المستقبل. و بالنسبة لكِ أنصحك بعدم التركيز على أمور خارجة عن حدود إمكاناتك كتواجد الأب و تواصله مع أطفاله و كرسي جهدك على الأمور التي بمتناول يدك فبإمكانك توفير بيئة من الحب و الدعم لأبنائك بتواجدك معهم و الإصغاء لحديثهم. و عند شعور ابنك بافتقاد والده شجعيه على رسم صورة لأبيه أو كتابة رسالة له يحدثه فيها عن إنجازاته و هواياته فتكون بمثابة تفريغ عاطفي للابن و تقديرا منك لمشاعر المحبة التي يكنها لأبيه و احتفظي بها من أجله دون إخباره بذلك. الأمر الآخر هو أن ما يحدث بين ابنك و أبيه يؤثر سلبيا على تصرفات ابنك كما تفضلتي بالتوضيح عند طرحك للمشكلة، و أفضل طريقة للتغلب على عدوانية ابنك تجاه أخته هي تشجيعه على رعايتها و الاهتمام بها، فالحرمان يولد التعاطف و الرحمة، و افتقاد ابنك لوجود أبيه سيعطيه دافعا للاهتمام بأخته الصغرى، كما يمكنك السماح له باقتناء حيوان أليف ليكون مسؤولا عنه. و بإمكانك دعم ابنك بإعطائه مسؤوليات بسيطة تناسب مرحلته العمرية لكي تنمي شعور الاستقلالية و تقدير الذات لديه، و تركيزك على إيجابيات ابنك و مدحه سيدفعه للعطاء بصورة أكبر. و عندما يخطئ ابنك التصرف كوني حازمة معه و وضحي له أنه أخطأ و أن عليه ألا يكرر السلوك الخاطئ و وجهيه لكيفية التصرف الصحيح. إننا نقدم دورة مجانية في مقر جمعية المودة بعنوان (مفهوم خصائص الطفولة) و حضورك للدورة سيساعدك على تفهم احتياجات ابنائك و التواصل معهم بصورة أفضل. و ختاما لا تترددي في التواصل معنا في حال استمرار المشكلة أو حدوث أي تغيير، و أسأل الله التوفيق لك و لمن تحبين.