مشاجرات لا تنتهي!!
الإستشارة
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
ابن أخي شاب في التاسع عشر من العمر وهو الولد الوحيد موفر له كل ضروريات الحياة، ولكن اهتمامه بأي شىء لا يتجاوز اليومين و يتطلع للأعلى و يهمل الموجود في كل محاولة لإفهامه غلطه و يصل مع والده في النقاش الى طريق مغلق .حاولنا جميعا أن نتدخل لحل الأزمه ولكن لا يستمع لنا ابداً و يتصرف على هواه حتى ولو اتفق الجميع على إنه خطأ .
اصبح أخي يعاني من الضغط و السكر من كثرة التفكير .أفيدوني جزاكم الله خير في كيفية التعامل معه .
الإجابة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،، نشكر لك عزيزتي تواصلك مع قسم الاستشارات الإلكترونية في جمعية المودة للتنمية الأسرية ونثمن لكِ ثقتك بنا سائلين المولى عز وجل أن يلهمنا وإياكِ الرشد والسداد ، وقبل أن أبدأ يسعدني أن أشيد باهتمامك بابن أخيكِ ومعاونته على تربية ابنه وفقك الله ، عزيزتي إن من الأخطاء التي يقع فيها الآباء مع أبناءهم العطاء الزائد دون سقف محدد لهذا العطاء ظناً منهم بأن ذلك يمنح الأبناء عيشة كريمة وتقدير لمجهودات الوالدين فيما بعد دون علم منهما بأن ذلك قد يتسبب في مشاكل تربوية للابن قد تضني الوالدين لاحقاً وتؤثر على مستقبل الابن , وهذا ماحصل مع أخيكِ وبما أن ابنه هو الابن الوحيد فقد لجأ إلى توفير كل ما تشتهيه نفس ابنه ،وهنا مكمن الخلل حيث اعتاد الابن على اللامبالاة وعدم تحمل المسؤولية ولم يعد يأبه بقيمة المال، ولا يحسن التصرف به ، فالاعتدال مطلوب في كل شيء ولنا في قوله تعالى : ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ) ( الأعراف : 31 ) منهج قويم في الإنفاق . كما أنني أرى بأنكم غفلتم عن خطأ قد يكون أحد الأسباب في تعميق الفجوة بينكم وبين ابن أخيكِ ألا وهو محاولة تصحيح أخطاءه وإشعاره بحجمها وبما تسببه لكم من متاعب عن طريق المواجهة واللوم وتوجيه الاتهام المباشر ، وهذه الطريقة قد تجعل الابن يلجأ للعناد ويصر على أفعاله فضلاً عن أن توجيه الاتهام المباشر تجعله ينفر من التحاور معكم , ومن الأنسب لخلق نقطة اتصال بين أخيكِ وابنه هو تغيير طريقة الحوار و محاولة التحدث معه بهدوء وإبداء تفهمه لطبيعة المرحلة العمرية التي يمر بها ابنه، واشعاره بثقته به وأنه اصبح رجلاً ناضجاً يعتمد عليه ، إلا أن مايقوم به تجاهه من محاولات لتبصيره بأخطائه ليس من باب انعدام الثقة إنما هو بدافع حبه والخوف عليه وهذا أمر فطري في الآباء تجاه أبناءهم مهما بلغوا من العمر ، فبدلاً من أن تقفوا صفاً واحداً في وجهه وتقولون له : " أنت على خطأ " جربوا أن تحتووه وتخبروه أن مايقوم به من تصرفات تعود نتيجتها في نهاية الأمر إليه إن حسنٌ أو سيء، خاطبوه بلطف , انظروا إلى إيجابياته وأثنوا عليه , ولا نعلم شيئاً أبلغ تأثيراً في شخصية الإنسان من اللين والتلطف في الحديث , كما أن ربنا جل جلاله حينما أرسل موسى لفرعون على عِظم جُرمه طلب منه التلطف معه بالكلام لما لوقع الكلمة الطبية في النفس البشرية : (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ) (طه: 44) ، ولكِ أن تتخيلي كيف سيكون تأثير الكلام الطيب على ابن أخيكِ ، وذكري أخيكِ بالقاعدة التربوية : [ لاعبه سبعاً , ثم أدبه سبعاً , ثم صاحبه سبعاً ] وأن عليه أن ينتهِ عن أسلوب المحاضر ودور الواعظ فابنه في مرحلة يرى بأنه أصبح رجلاً ومن الطبيعي فيها أن يكره النصائح المباشرة خصوصًا من والِدَيه، وبناء على ذلك فليجعل كلامه معه مختصرًا ومُحددَ الهدف، وأن يتحدث إليه كصديق لأن ذلك سيجعل لحديثه مكانًا في نفسه، وفي الختام ,, فإن مايقوم به أخيكِ في سبيل تقويم سلوكيات ابنه قد تهلك صحته لذا فعليه أن يهدئ من روعه ، فجميعنا نتمنى أن يكون أبناءنا ناجحين ولكن لابد أن نرضى بما قسَم الله لنا في أبنائنا ونكون واقعيين في التعامل معهم ، وإن أخطأوا لا يعني ذلك نهاية العالم فهم بشر ومن مِن البشر سلِم من العيوب ؟ لذا فعلينا أن نقبلهم بعيوبهم ، ونعمل على تقويم سلوكياتهم بقدر المستطاع , وينبغي أن نعي جيداً أن التجارب التي يمر بها الأبناء سواء كانت جيدة أو سيئة قد تسهم في تكوين شخصياتهم وصقلها ، ولاننسى التحلي بالصبر والإكثار من الدعاء لهم بصلاح الحال . ونسأل الله العلي القدير أن يمُنَّ علينا بصلاح النية والذرية وأن يوفقنا لتربيتهم على الوجه الذي يرضيه عنا , كما أننا نسعد بتواصلكم معنا في جمعية المودة واستقبال استشاراتكم من خلال الاستشارات الإلكترونية أو الهاتف الاستشاري على الرقم 920001421، كما ندعوك لحضور برامجنا التدريبية في التنمية الأسرية ولمعرفة مواعيد هذه البرامج نتشرف بزيارة موقعنا الإلكتروني http://almawaddah.org.sa/activities ، والله الموفق .