حب نفسك
الإستشارة
كيف احب نفسي !؟
كيف ارفع قدري وقيمتي !؟
كيف تكون لي قيمة عند الاشخاص !؟
الإجابة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : يسرنا أن نرحب بك أختي الكريمة في موقع الاستشارات الالكترونية بجمعية المودة للتنمية الأسرية ، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك ، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت , وفي أي موضوع ، ونشكرك على ثقتك بنا وعلى إدراك المشكلة والبحث عن علاجها ، ونسأل الله جل وعلا أن يمن عليك بصحة نفسية وبدنية وعقلية تسهم في استقرار حياتك وتحقيق السعادة في الدنيا والآخرة ، بداية ليست المسألة بالسوء الذي تعتقدينه وليست معقدة لدرجة يصعب حلها ، فكونك مدركة لمشكلتك فهذا يدلّ على ثقافتك العالية والتي ستكون معينا لك على التغلّب على مشكلتك واتخاذ ما هو مناسب بإذن الله ، أن ما تشعرين به من إحساس ناتج عن عدم فهمك لقدراتك بالطريقة المناسبة ، مشكلتك تتلخص في : ضعف الثقة بالنفس وتقدير الذات . في كثير من الأحيان عندما نحمل فكرة في رأسنا ، نظن أنها فكرة صحيحة ، ونبدأ نشاهد ما يؤيدها في حياتنا ، وفي الواقع قد لا تكون هذه الفكرة صحيحة أصلاً ، كثيرا ما نسجن أنفسنا في أفكار ومعتقدات عن أنفسنا ، بأننا مثلا نتحلى بصفات معينة ، أو أننا ضعاف الثقة في أنفسنا ، أو أننا شديدو الحساسية ، أو أننا فاشلين أو أنه لا مستقبل لنا ، وتأتي عادة هذه الأفكار من مواقف الناس منا ، ومن كلامهم عنا ، وخاصة في طفولتنا ، فقد يقولون عنا مثلا أن عندنا خجلا أو ترددا أو حساسية ، أو ضعف الثقة في النفس ، فإذا بنا نحمل هذه الأفكار والمعتقدات على أنها مسلمات غير قابلة للتغيير أو التعديل ، وقد تمر سنوات قبل أن نكتشف بأننا ظلمنا أنفسنا بتقبل وحمل هذه الأفكار كل هذه السنين ، والمؤسف أن الإنسان قد يعيش كل حياته ، ولا يحرر نفسه من هذه الأفكار! وأحيانا تأتي كثير من هذه الأفكار نتيجة بعض الأمراض أو الصعوبات النفسية ، كالاكتئاب أو القلق أو غيرهما . اعلمي أختي الغالية .. أن الله تعالى جعل للحب بين الناس والقبول لديهم عوامل وأسبابا ، منها ما هو فطري لا دخل للإنسان فيه ، ومنها ما هو مكتسب بمقدور الإنسان أن يتحصل عليه ، فقد قال لسيدنا موسى عليه السلام : ( وألقيت عليك محبة مني ) ، فكل من رأى موسى عليه السلام أحبه دون أن يعرفه ، وهذه منه جل جلاله تفضلاً لبعض عباده إلا أنها لا تكون إلا لأصحاب الإيمان الراسخ والاستقامة التامة . لابد لك أختي الكريمة ، وقبل أي شيء آخر أن تبدئي "بحب" هذه النفس التي بين جنبيك ، وأن تتقبليها كما هي ، فإذا لم تتقبليها أنت فكيف للآخرين أن يتقبلوها ؟! مارسي عملك أو دراستك بهمة ونشاط ، وارعي نفسك بكل جوانبها ، وخاصة نمط الحياة ، من التغذية والنوم والأنشطة الرياضية ، وغيرها مما له علاقة بأنماط الحياة ، وأعطي نفسك بعض الوقت لتبدئي بتقدير نفسك وشخصيتك ، وبذلك ستشعرين بأنك أصبحت أكثر إيجابية مع نفسك وشخصيتك وحياتك ، والله تعالى يقول لنا: {ولقد كرمنا بني آدم} فنحن مكرّمون عند الله ، وقد قال الله تعالى لنا هذا ليشعرنا بقيمتنا الذاتية ، والتي هي رأس مال أي إنسان للتعامل الإيجابي مع هذه الحياة بكل ما فيها من تحديات ومواقف ، وكما يقال "فاقد الشيء لا يعطيه" فكيف أعطي الآخرين ضرورة احترام نفسي وتقديرها إذا كنت أنا لا أقدرها حق قدرها ، ومن الطبيعي أن يشكك الإنسان أحيانا في قدراته ، وخاصة عندما يكون على وشك القيام بعمل هام يتطلع إليه ، فيبدأ يشك في إمكاناته ، وتراوده فكرة عدم قدرته على اجتياز الاختبار، ويأتيه شعور وكأنه لا يعرف شيئا أو أنه فاشل ، وكما هو الحال معك ، فمثل هذه الشكوك طبيعية ، وهي ستختفي تلقائيا مع الوقت . اولاً :- المقصود بحب الذات هو احترام الإنسان لنفسه وتقبل ذاته كما هي ، ويُفهم أيضاً على أنّه انعكاس للشخصية أو تعبير عما يشعر به الإنسان في داخله من خلال مشاعره وأفكاره التي تظهر مدى تقديره واحترامه لنفسه ، وحب الذات لا يعني فقط التفكير في الأمور الإيجابية والسعادة الدائمة في كل الأوقات ؛ لأن ذلك يعد خروجاً عن المنظور الواقعي للحياة ، فالمشاعر التي يشعر بها الإنسان والتي تعد مؤقتة كالحزن والغضب والفرح لا تقلل من حبه لنفسه ، ومن الأمثلة على ذلك حُب الإنسان لابنه ، فعلى الرغم من أنه قد يشعر بالغضب أو الاستياء منه إلا أنه يسامحه ويلبي احتياجاته ويراعي مشاعره ويتخذ القرارات التي تصُب في مصلحته وتربيته ، وحب الذات يشبه ذلك الحب إلى حد كبير، فإذا كان الإنسان على دراية بكيفية حب الآخرين فهو سيتعلم كيف يُحب نفسه . ثانياً:- الأسباب التي بمقدور الإنسان أن يفعلها ليحبه من حوله فهي كثيرة أذكر منها ما يأتي :- 1- اللجوء إلى الله عز وجل ، قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ) وفي حديث : ( جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله: دلني على عمل إذا عملته ، أحبني الله ، وأحبني الناس ، قال: ازهد في الدنيا يحبك الله ، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس) . 2- معاملة الناس بالحسنى والرفق بهم . 3- مقابلة الناس بالتحية والابتسامة فهي صدقة ، ومناداتهم بأحب الألفاظ والألقاب والاهتمام بهم إذا حضروا وذلك بأن يفسح لهم في المجلس ، وقد قال عمر بن الخطاب : ( إذا أردت أن تملك قلب أخيك فادعه بأحب الأسماء إليه وأفسح له في مجلسك وابتسم له ) ، ومن المفترض أيضاً أن تُعلمي نفسك مهارات التحدث والاستماع مع الناس ، ومنها حين تخاطبين أحداً ، ركزي على العينين أي لا تخاطبيها وأنتِ مشغولة بشيء آخر، كوني دائماً المبادرة خاصةً فيما يخص التحية والسلام ، حاولي أن تكوني ملمة بمعلوماتٍ عامة ، أو أي حدث اجتماعي ، وحين تكونين ملمة بصورةٍ جيدة لهذه الأمور البسيطة يمكنك أن تتحدثي أو تناقشيها مع الآخرين بكل طمأنينة ؛ لأنك أكثر إلماماً بتفاصيلها ، كوني مستمعة جيدة بحيث إذا خاطبك أحداً لا تنشغلي بشيء فتضطرين إلى قول : أعد الكلام لو سمحت . 4- الصبر على الأذى ومقابلة السيئة بالحسنى . 5- أن تحبي للناس ما تحبينه لنفسك وتكرهين لهم ما تكرهينه لنفسك. 6- بادليهم الحب والاحترام ، وأحسني الظن بهم والتفكير بإحسان الظن بالآخرين يجب أن يُصحب بتطبيقات عملية بأن تحددي بعض الأشخاص من صديقات وأقارب بأنك سوف تقومين بالاتصال بهم بصفة يومية من أجل السلام والتحية ومناقشة أمور عامة معهن ، مثل هذا الاتصال سوف يدعم ويقوي الصلات . 7- شاركي من حولك مناسباتهم ، وابدئي دائماً بالسؤال والمشاركة الوجدانية والعملية ولا تنعزلي عن الناس ، ولا تضحكي مثلاً إذا كان الموقف محزناً وإنما تجاوبي مع كل حدث بما يناسبه من المشاعر. 8- إذا قمت بزيارة أحد فلا تطيلي الجلوس عندهم ، ولا تكثري النظر حولك ولا تتدخلي فيما لا يعنيك ، ولا تأكلي بنهمٍ أو تتكلمي والطعام في فمك ، ولا تذمي طعامهم مهما كان مستواه ، ولا تكثري من الكلام عن غيرهم في حضرتهم . 9- قدري مشاعر الناس ، وإياك وجرح مشاعر الآخرين مهما كان خطؤهم . 10- إياك والاستكبار والتعالي عن أي شخص ممن يتعاملون معك مهما كان مستواهم ، حتى ولو كانوا خدماً أو عمالا أو فقراء ومساكين . 11- التعامل مع الجراح القديمة ومواجهتها : تلتئم الجراح الجسدية بسرعة أما بالنسبة لجراح الروح فهي تحتاج لمدة زمنية أطول ، فمعالجة هذه الجراح يساعد بشكل كبير على حُب الذات ، وهناك العديد من الطرق لمعالجتها والتعامل معها كتجنب الانعزال وعدم البكاء عند تذكر الألم ، ويمكن التحدث مع الأصدقاء ومشاركتهم هذه المشاعر مما يساعد على تغير المزاج ، وبمعنى آخر يجب مواجهة هذه المشاعر والذكريات والتعامل معها ونسيان الجراح مما يبعث حالة من الاطمئنان والراحة والاسترخاء ، وبالرغم من أنها عملية مُجهدة وقد تكون طويلة إلا أنها تخلص النفس من العُزلة والأفكار السلبية والقلق والتوتر والخوف. 12- الابتعاد عن المقارنات : تتفاوت نسب النجاح والفشل بين الأشخاص ، لذلك من الأفضل والمنطقي عدم مقارنة شخص مع شخص آخر، وإن كان لا بد من المقارنة فيجب أن تكون ضمن نفس مستوى الشخص الآخر؛ لأنها يمكن أن تكون الدافع لبذل جهد أكبر في تحقيق الأهداف ، ولكن إن خرجت عن هذا المنظور وتطورت أكثر فإنها تؤدي إلى فقدان الشعور بالرضا عن النفس . 13- القيام بالأمور التي تريح النفس : يجب على الإنسان التنبه إلى مشاعره عند القيام بالأعمال اليومية ، ومعرفة ما يشعره بالإرهاق أو ما يشعره بالسعادة والسرور عند القيام به ؛ لأنه إذا اكتشف الأمور التي تشعره بالراحة والسعادة وسعى إلى القيام بها باستمرار دون الالتفات لمن ينتقده أو قد يلومه على فعلها ، سيحب نفسه أكثر وسيشعر بالفخر والاعتزاز ويدرك أنه جدير بأن يكون محبوباً بين الآخرين. 14- الناس يحبون من يتواضع لهم ويثني عليهم ويصدق معهم ، ويرفق بهم ويؤازرهم في الملمات ، مع ضرورة أن يزهد في دنياهم وأن يبذل لهم خيره ويكف عنهم أذاه وشره . ( أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم) والإنسان لا يستطيع أن يسع الناس بماله ، ولكنه يمكن أن يسعهم بحسن خلقه ويبسط وجهه وإشراق نفسه ، والعاقل ينسى إحسانه للناس ، ويتذكر إحسان الناس إليه ، ويدرك أن الناس معادن ، والمعادن تختلف في قيمتها وصفاتها وفي كافة جوانبها . عزيزتي : قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من الذي لا يخالط الناس ، ولا يصبر على أذاهم) . فاجعلي رضوان الله غاية ، وإن سخط الناس ، فإن أقواماً ضاعوا لما طلبوا رضى الناس بسخط رب الناس ، فغضب الله عليهم وأغضب عليهم الناس ، وإذا رضي الله عن الإنسان أمر جبريل أن ينادي في أهل السماء أن الله يحب فلاناً فيحبه أهل السماء ثم يلقي له القبول في الأرض ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أحب الله تعالى العبد ، نادى جبريل ، إن الله تعالى يحب فلاناً ، فأحببه ، فيحبه جبريل ، فينادي في أهل السماء : إن الله يحب فلاناً فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول في الأرض ) متفق عليه. وكيف يحبنا الله عز وجل: بالتقرب بالطاعات والابتعاد عن المعاصي ، وهذا رابط علامات حب الله لعبده ، فلا تستعجلي النتائج ، ونسأل الله أن يحببك إلى خلقه ، إنه سميع مجيب الدعاء . عزيزتي :- إذا طال الحال أو اشتدت هذه الأعراض والمشاعر فلا شك ان الارشاد بالمقابلة ومراجعة أخصائي أو طبيب نفسي يفيد حيث يقدم لك الإرشاد النفسي المطلوب ، بعد التعرف على طبيعة الحالة ، وما هو التشخيص المناسب ، وأرجو أن لا تتأخري في هذه المراجعة أذا لم يتحسن الوضع . كما نفيدك بأن ( جمعية المودة للتنمية الأسرية ) توفر إستشارات بالمقابلة ، وكذلك إستشارات هاتفية ، وذلك على أيدي مستشارين أسريين مختصين ، ذوي خبرة ، ومهنية ، وكفاءة عالية ، وهي قائمة على مبدأ السرية التامة ، وذلك عن طريق الإتصال على الهاتف رقم : ( 920001421 ) أو الإستشارة بالمقابلة على الهاتف رقم : ( 920001426 ) وكذلك تعقد الجمعية دورات وبرامج تهتم بالأسرة والعلاقة بين أفرادها للجنسين ، وللإستفادة منها والتسجيل بها من خلال الرابط https://almawaddah.org.sa/activities/ وختاماً نكرر شكرنا لك على ثقتك في جمعية المودة للتنمية الأسرية ، وتواصلك مع الإستشارات الإليكترونية ، المستشار الأسري أ.خالد الزهراني